سياسات ترامب الاقتصادية... هل تتحول إلى Boomerang ضد أميركا؟



هل سيرتد Boomerang ترامب عليه ويضرب الاقتصاد الأميركي؟

ماذا يحدث عندما تُطلق سياسة خارجية كالسهم، فتعود إليك كـ Boomerang؟
هذا هو السؤال الذي يطرحه الصحفي والمحلل السياسي Hugo Dixon في مقال نشره عبر Reuters Breakingviews بتاريخ 24 مارس 2025، محذرًا من أن سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لا سيما في تعامله مع الحلفاء، قد ترتدّ عليه وعلى الولايات المتحدة بقوة.

منذ بداية ولايته الثانية قبل شهرين فقط، بدأت ملامح التغيير في علاقات واشنطن مع حلفائها تظهر بوضوح. لم تعد الدول الصديقة تعتبر الولايات المتحدة شريكًا موثوقًا به، بل بدأت تشعر بالخطر من علاقتها بها. والنتيجة؟ الجميع يحاول الآن تقليص الاعتماد على أميركا في ملفات حيوية مثل الدفاع، الطاقة، التكنولوجيا، والمالية.

فهل بدأت واشنطن فعليًا تفقد الثقة العالمية بها؟

الرئيس ترامب لم يكتفِ بفرض رسوم جمركية، بل لوّح بخيارات اقتصادية متطرفة، وأطلق تصريحات تهديدية ضد حلفاء تقليديين، كتهديده بتركهم وحدهم في حال تعرّضوا لهجوم روسي. بل ذهب أبعد من ذلك، عندما علّق التعاون الاستخباراتي وتسليم الأسلحة لأوكرانيا بعد انتقاده العنيف للرئيس الأوكراني زيلينسكي داخل البيت الأبيض.

السؤال الذي يطرحه كثيرون في أوروبا وكندا وأستراليا الآن هو: إذا كانت أوكرانيا تُركت فجأة في الظلام، فمن التالي؟ وهل من الحكمة أن تبقى الدول الحليفة رهينة للتقلبات السياسية في واشنطن؟

هل يمكن خفض الاعتماد دون الانفصال الكامل؟

منذ عامين، بدأ الغرب يتحدث عن نهج "خفض المخاطر دون الانفصال" – أو ما يُعرف بـ Derisk not Decouple – في التعامل مع الصين. الهدف كان تقليل الاعتماد على بكين في سلاسل التوريد والموارد الحيوية، دون قطع العلاقات الاقتصادية.

اليوم، يبدو أن الحلفاء مضطرون لتطبيق نفس المبدأ، لكن هذه المرة مع الولايات المتحدة.
وهنا يكمن التحدي الحقيقي، فالعلاقات مع واشنطن أعمق وأشد ترابطًا مما هي عليه مع الصين، ولا يمكن الاستغناء عنها بسهولة.

رغم ذلك، هناك وعي متزايد بضرورة بناء استقلالية استراتيجية، خصوصًا في قطاع الدفاع. فأوروبا، على سبيل المثال، تعتمد على الولايات المتحدة في 64% من وارداتها الدفاعية. هذا الاعتماد بات يُعتبر مخاطرة أمنية، خاصة بعد رؤية ما حدث مع أوكرانيا.

هل بدأ الحلفاء فعليًا في البحث عن بدائل؟

نعم، والقرارات بدأت تتحدث عن نفسها.
فرنسا تضغط منذ سنوات لبناء قطاع دفاع أوروبي مستقل، واليوم يبدو أنها تكسب المعركة.
البرتغال تدرس شراء مقاتلات أوروبية بدلًا من F-35 الأميركية.
كندا علّقت صفقة "ستارلينك"، وولاية أونتاريو ألغت عقدًا مرتبطًا بها.
أستراليا تشهد نقاشًا محتدمًا حول ضرورة إلغاء صفقة الغواصات النووية مع أميركا وبريطانيا.

هذه مؤشرات واضحة على تحوّل عميق في توجهات الحلفاء نحو تقليص التبعية.

هل التكنولوجيا والطاقة هما الجبهة التالية؟

بالتأكيد. الحلفاء يُدركون أنهم يعتمدون بشكل كبير على أميركا في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة المتقدمة.
والآن، ومع تصعيد ترامب ضد الجامعات ومراكز الأبحاث، بدأت الدول الأخرى تُفكر في جذب العقول الأميركية المهاجرة لتعزيز قدراتها التكنولوجية.

وفي قطاع الطاقة، يبدو أن الاعتماد على الغاز الأميركي بعد تقليص الاعتماد على روسيا لم يكن الحل المثالي. أوروبا، التي اشترت مؤخرًا 82% من صادرات الغاز الطبيعي الأميركي، بدأت تبحث بجدية عن تسريع اعتمادها على مصادر الطاقة المتجددة.

هل آن أوان الاستقلال المالي أيضًا؟

أميركا تهيمن على النظام المالي العالمي بفضل الدولار وبنوكها الكبرى. لكنها استخدمت هذه الهيمنة أداة ضغط سياسي على الأصدقاء والأعداء على حد سواء. وهنا بدأت أصوات أوروبية تدعو إلى استثمار فوائضها المالية داخليًا، بدلًا من إرسالها إلى الولايات المتحدة.

الاتحاد الأوروبي يُريد توجيه مدخراته نحو تطوير الدفاع، التكنولوجيا، والبنية التحتية، وهو أمر ممكن إذا تم تحسين كفاءة سوقه الداخلية وتشجيع الاستثمار المحلي.

ما الرسالة الأخيرة التي يوجهها الكاتب لترامب؟

Hugo Dixon لا يقول إن الحلفاء سيتخلّون عن واشنطن غدًا، لكنه يُحذر من أن الرأي العام العالمي بدأ يميل ضد الولايات المتحدة. وهذا يعني أن حكومات الدول الحليفة قد تجد مبررًا شعبيًا للبقاء على هذا المسار، حتى لو ازدادت الأمور سوءًا.

على ترامب أن ينتبه إلى البوميرانغ الذي أطلقه، لأنه في طريقه للعودة – وربما بسرعة أكبر مما يتوقع.


📰 المصدر:
رويترز

إرسال تعليق

أحدث أقدم