هل تتراجع تسلا في أوروبا بسبب سياسة ماسك؟ منافسة BYD تشتد عالميًا


شهدت مبيعات شركة تسلا في أوروبا تراجعًا حادًا بنسبة قاربت 45% في فبراير الماضي، في مؤشر قد يعكس بداية تحوّل في موقف
المستهلك الأوروبي من العلامة الأميركية الأشهر في سوق السيارات الكهربائية. هذا التراجع لم يأتِ فقط نتيجة تغييرات في السوق أو منافسة جديدة، بل يبدو أنه مرتبط بشكل مباشر بـالسلوك السياسي المتزايد لإيلون ماسك، الرئيس التنفيذي للشركة.

فهل أصبحت السياسة عاملًا في قرار شراء سيارة كهربائية؟ وهل تتفوق الشركات الصينية مثل BYD على تسلا بالفعل؟

بحسب بيانات Jato Dynamics، باعت تسلا أقل من 16,000 سيارة في أوروبا الشهر الماضي، متراجعة بنسبة 44% في المتوسط داخل 25 دولة تشمل الاتحاد الأوروبي، بريطانيا، النرويج وسويسرا. حصة الشركة من السوق انخفضت إلى 9.6%، وهي الأدنى منذ خمس سنوات في شهر فبراير.

لكن المفارقة، أن تسلا سجّلت ارتفاعًا بنسبة 21% في المبيعات داخل بريطانيا، حيث استمر طراز "Model 3" و"Model Y" في تحقيق شعبية واضحة، لتحتلا المرتبتين الثانية والثالثة في السيارات الأكثر تسجيلًا بعد "ميني كوبر".

هل السياسة تؤثر على المبيعات؟

تحاول الأسواق والمستثمرون فهم التأثير الحقيقي لانخراط ماسك العلني في الحياة السياسية، خاصة منذ ظهوره كـأحد أبرز مستشاري الرئيس ترامب. ماسك لم يخفِ دعمه لجهات مثل حزب AFD اليميني المتطرف في ألمانيا، وشارك في مؤتمرات محافظة أطلق خلالها تصريحات مثيرة للجدل، مما أدى إلى احتجاجات ضد وكلاء تسلا في بعض المدن الأوروبية.

هذه الخطوات لم تمر مرور الكرام، خصوصًا في أوروبا حيث الحساسية السياسية والاجتماعية أكبر تجاه مثل هذه التصرفات.

أم أنه مجرد تغيير في الطرازات؟

البعض يرى أن التقلبات في المبيعات لا ترتبط فقط بعوامل سياسية، بل تعود إلى أن تسلا بدأت عملية استبدال لطراز Model Y – السيارة الأكثر مبيعًا لديها – مما أدى إلى انخفاض في التسجيلات خلال فترة الانتقال.
لكن التحدي يكمن في أن شركات مثل تسلا التي تمتلك مجموعة محدودة من الطرازات تكون أكثر عرضة للتأثر عند أي تغيير في الخط الإنتاجي.

صعود المنافسة الأوروبية والصينية

في الوقت الذي تراجعت فيه تسلا، حققت شركات أوروبية قفزات قوية:

  • فولكس فاغن: ارتفاع بنسبة 180% في مبيعات السيارات الكهربائية لتصل إلى نحو 20,000 سيارة
  • بي إم دبليو وميني: مبيعات مجمّعة بلغت 19,000 سيارة
  • Polestar: ارتفعت مبيعاتها بنسبة 84%

أما على الصعيد العالمي، فقد سجّلت BYD الصينية تقدمًا مذهلًا.
مبيعاتها في أوروبا ارتفعت بنسبة 94% لتتجاوز 4,000 سيارة، بينما بلغ إجمالي إيراداتها لعام 2024 أكثر من 100 مليار دولار، متجاوزة بذلك تسلا التي سجّلت 97.7 مليار دولار.
والأهم، أن BYD تبيع الآن عددًا مماثلًا تقريبًا من السيارات الكهربائية النقية مقارنةً بتسلا (1.76 مليون مقابل 1.79 مليون)، لكنها تتفوق بوضوح عند احتساب مبيعات السيارات الهجينة.

إلى أين تتجه تسلا الآن؟

رغم هذه التحديات، ما زالت تسلا تُقيّم في السوق بنحو 780 مليار دولار، وهي قيمة ضخمة مقارنة بمنافسيها، على الرغم من تراجع السهم بأكثر من الثلث منذ بداية عام 2025.
في المقابل، تواصل BYD الصعود بقوة، مع توقعات ببيع ما بين 5 إلى 6 ملايين سيارة هذا العام، وقيمة سوقية بلغت نحو 160 مليار دولار.

إذًا، هل فقدت تسلا بريقها؟
قد لا يكون الوقت مناسبًا للحديث عن أفول نجم الشركة، لكن من الواضح أن المرحلة القادمة ستكون حاسمة. بين التحديات السياسية، واشتداد المنافسة، وتقلّب السوق... على تسلا أن تُعيد حساباتها بسرعة، قبل أن تُصبح واحدة من قصص التحول الكبرى في عالم السيارات.


📰 المصدر:
The Guardian 

إرسال تعليق

أحدث أقدم